الصلاة وما يدور حولها
الصلاة: في اللغة : الدعاء. قال الله تعالى: " وَصَلِّ عَلَيْهِمْ " [التوبة:103] أي: ادع لهم .وفي الشرع : أقوال وأفعال مخصوصة، مُفتتحة بالتكبير، مُختتمة بالتسليم، سُميت "صلاة" لاشتمالها على الدعاء، مشتقة من الصّلوين، وهما عرقان من جانبي الذنب، وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، وفُرضت ليلة الإسراء.
![]() |
| الصلاة وما يدور حولها |
الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين؛ ولهذا بدأ بها الفقهاء في كتبهم والمحدثون بعد الإيمان، فأول واجبٍ هو الإيمان بالله ورسوله؛ هو الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله ﷺ، هذا أول واجبٍ على المكلَّفين؛ الشهادة بأنه لا معبودَ حقّ إلا الله، والشهادة بأنَّ محمدًا عبد الله ورسوله، هذا أول واجبٍ وأعظم واجبٍ: أن تشهد عن علمٍ ويقينٍ أنه لا إله إلا الله ، أي: لا معبود حقّ إلا الله ، وأنَّ جميع ما يعبده الناس من دون الله من أصنامٍ أو قبورٍ أو أمواتٍ أو نجومٍ أو ملائكةٍ أو جنٍّ أو غير ذلك كله باطل كما قال تعالى: " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ "[الحج:62] ، لا بدَّ من هذه الشهادة وهذا اليقين ؛ أن تعلم يقينًا، وتشهد يقينًا أنه لا معبود حقّ إلا الله ، وأنَّ ما يعبده الناس من أصحاب القبور أو الملائكة أو الأنبياء أو الجنّ أو النجوم أو الشمس أو القمر أو غير ذلك كله باطل:" ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ " [لقمان:30] .
ثم تلي هاتين الشهادتين: الصلاة، فلا صلاةَ إلا بعد التوحيد، بعد الإيمان ، بعد الإسلام ، بعد الدخول في ذلك ، بعد الشهادة بأنه لا إله إلا الله ، وبعد الشهادة بأنَّ محمدًا ﷺ عبد الله ورسوله ، أرسله الله إلى جميع الثَّقلين: الجن والإنس ، وهو خاتم الأنبياء ، بعد هاتين الشهادتين الصلاة ، فمَن لم يأتِ بهما على هذا الوجه فلا إسلامَ له، لا بدَّ أن يشهد أنه لا إله إلا الله ، أي: لا معبود حقّ إلا الله ، ولا بد أن يشهد أن محمدًا ﷺ عبد الله ورسوله إلى جميع الثَّقلين: الجن والإنس، وأنه خاتم الأنبياء، ثم الركن الثاني: الصلاة، وهي عمود الإسلام كما في الحديث الصحيح: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة.
ومعنى الصلاة: الدعاء، قال تعالى:" وَصَلِّ عَلَيْهِمْ "[التوبة:103] اي : ادع لهم، وسُميت "صلاة" لاشتمالها على الدعاء؛ لأنها دعاء: فيها دعاء في السجود، وبين السجدتين، وفي التحيات، وقد يقع الدعاء أيضًا في القراءة، قد يدعو إذا مرَّ بآية رحمةٍ أو آية وعيدٍ، وكذلك في التحيات قبل أن يُسلم، فيها دعاء كثير، ونفس الأركان: دعاء ركوعه دعاء عبادة ، وسجوده دعاء عبادة ، وقراءته دعاء عبادة ، فهي كلها دعاء ، ما بين دعاء مسألةٍ: "كربِّ اغفر لي" وغيره من الدَّعوات، وبين دعاء عبادة: كالركوع والسجود والقيام، كله دعاء عبادة؛ فلهذا قيل لها: صلاة.
أما اشتقاقها من "الصّلوين" فهو محل نظرٍ، وإنما سُميت "صلاة" لاشتمالها على العبادة؛ لأنها كلها عبادة، كلها دعاء، كلها ضراعة إلى الله، كلها طلب لمغفرته ورحمته، يقول ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (رواه مسلم)، ويقول ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر.(رواه احمد والترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم)
وقد اختلف العلماء في تركها تهاونًا: هل يكفر بذلك أم لا؟ على قولين، والصواب والأرجح أنه يكفر بذلك ولو تهاونًا، أما إذا جحد وجوبها كفر عند الجميع ، أما إذا تركها تهاونًا كما يأتي فإنه يكفر على الراجح ، وقال الجمهور: لا يكفر، وأن الكفر في حقِّه كفر أصغر، كذا حكى "المغني" عن الجمهور؛ أنه لا يكفر بذلك إذا كان قد أقرَّ بوجوبها ، ولكن يكون كفرًا أصغر وشركًا أصغر، والصواب أنه كفر أكبر.
وتجب الصلاة على كل مكلفٍ: ' الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر' على جميع المكلفين من الرجال والنساء، والأحرار والعبيد والخناثى أيضًا، تجب على كل مكلفٍ، ذكر أو أنثى أو خنثى، حرّ أو عبد، في اليوم والليلة بإجماع المسلمين، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، إلا الحائض والنفساء فلا صلاةَ عليهما، جاء النص بأنَّ الحائض تدع الصلاةَ ولا تقضي، والنفساء تدع الصلاةَ ولا تقضي.
والحمد لله رب العالمين.
كتاب الصلاة : ابن باز رحمه الله

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق