هل يؤذن ويقام للصلاة الفائتة ؟ - اسال و اتعلم

اخبار الموقع

اسال و اتعلم

مدونة دعوية تهتم بنشر العلم الشرعي وتعاليم الاسلام

09‏/06‏/2020

هل يؤذن ويقام للصلاة الفائتة ؟

هل يؤذن ويقام للصلاة الفائتة ؟

سمعت قصة للنبي ﷺ أنه والصحابة كانوا مسافرين ذات مرة، وقال النبي لهم : (من يحفظ لنا الفجر)، فرفع يده بلال، وقال: أنا يا رسول الله، فنامو هم، وبعد فترة أيضا نام بلال ، واستيقظو في حر الشمس، فقال رسول الله لبلال : (ما هذه يا بلال)، فقال بلال : ما القيت عليَ نومة مثلها قط، ثم أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالا بالأذان لصلاة الفجر، وصلوها جماعة، فإذا لم أستيقظ لصلاة الفجر في وقتها، فهل يجوز لي أن أفعل كما فعل النبي ﷺ أن أؤذن وأصليها، أم هذه فقط تجوز بالسفر ويجب قضائها إذا لم نكن على سفر، ومع العلم أن عددا من الشيوخ قال ذلك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه اما بعد :
أولاً:
الواجب على العبد أن يصلى كل صلاة في وقتها المحدد لها شرعًا ، لقول الله تعالى :  " إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً " النساء/103 .

ولا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها بغير عذر ، وقد توعد الله تعالى الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، فقال :  " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ "  الماعون/ 4، 5.

ولكن إذا كان تأخير الصلاة عن وقتها لعذر : فلا حرج على الإنسان ، إذا بذل جهده واتخذ من الأسباب ما يعينه على أدائها في وقتها من اتخاذ منبه ، وتوصية من عنده بإيقاظه للصلاة ، ونحو ذلك .

ثانيًا:
اختلف الفقهاء في حكم الأذان والإقامة للصلاة الفائتة :
المسألَةُ الأُولى: الأذانُ والإقامةُ عِندَ قضاءِ الفائتةِ :
يُشرَعُ الأذانُ والإقامةُ عندَ قضاءِ الفائتةِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والأظهرُ عند الشافعيَّة ، والحنابلة ، وقولٌ عند المالكيَّة ، وهو قولُ أبي ثورٍ، وداودَ الظاهريِّ .
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن أبي قتادَةَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّه قال: ((سِرْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليلةً، فقال بعضُ القوم: لو عرَّسْتَ بنا يا رسولَ الله، قال: أخافُ أن تناموا عن الصَّلاةِ! قال بلالٌ: أنا أُوقِظُكم، فاضْطَجَعوا، وأَسندَ بلالٌ ظهْرَه إلى راحلتِه، فغلبتْه عيناه فنام، فاستيقظَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد طلَعَ حاجِبُ الشَّمسِ، فقال: يا بلالُ، أين ما قُلتَ؟! قال: ما أُلْقِيَتْ عليَّ نَومةٌ مِثلُها قطُّ! قال: إنَّ اللهَ قبَض أرواحَكم حين شاء، وردَّها عليكم حين شاءَ، يا بلالُ، قُمْ فأذِّنْ بالنَّاسِ بالصَّلاةِ، فتوضَّأ، فلمَّا ارتفعتِ الشَّمْسُ وابياضَّتْ، قام فصلَّى))"رواه البخاري (595)، ومسلم (681)".

ثانيًا: أنَّ الأذانَ للوقتِ الذي تُفعَلُ فيه؛ لا الوقتِ الذي تجِبُ فيه"((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (2/44)".
ثالثًا: أنَّ الأذانَ حقٌّ للفريضةِ، وليس حقًّا للوقتِ .
                                                                                                         
المسألةُ الثَّانِيَةُ: الأذانُ والإقامةُ إذا تَعدَّدتِ الفوائتُ
إذا تعدَّدتِ الفوائتُ، فإنَّه يُؤَذَّنُ للفائتةِ الأُولى، ويُقامُ لبقيَّةِ الفوائتِ، وهذا هو المذهبُ المعتمَدُ عند الشافعيَّة، ومذهبُ الحنابلة، وهو قولُ محمَّدٍ من الحنفيَّة، وقولٌ عند المالكيَّة.
الدليل من السُّنَّة:
عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((إنَّ المشركين شَغَلُوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أربعِ صَلَواتٍ يومَ الخَندقِ، حتى ذهَبَ من الليلِ ما شاءَ اللهُ، فأمر بلالًا فأذَّن، ثمَّ أقامَ فصلَّى الظهرَ، ثم أقام فَصلَّى العصرَ، ثم أقام فَصلَّى المغربَ، ثم أقام فَصلَّى العِشاءَ))"رواه الترمذي (179)، والنسائي (662)، وأحمد (3555)".
ثانيًا: لأنَّ الإقامةَ افتتاحُ الصلاةِ، وهو موجودٌ في قضاء الفوائتِ.
ثالثًا: لأنَّ الثانيةَ من الفوائتِ صلاةٌ، وقد أُذِّن لِمَا قَبْلَها، فأَشبهتِ الثانيةَ من المجموعتينِ .

المسألةُ الثَّالثَةُ: الأذانُ والإقامةُ لِمَن دخَلَ مسجدًا قدْ صُلِّيَ فيه
اختَلَفَ العلماءُ في من دخَلَ المسجدَ وقد صُلِّي فيه؛ هل يُؤذِّن ويُقيم؟ على أقوال، أقواها قولان:
القول الأوّل: أنَّ من دخَلَ المسجدَ وقد صُلِّيَ فيه، يُسَنُّ له الأذانُ والإقامةُ، لكن دون أن يَرفَعَ صوتَه بالأذانِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، واستَحْسَنه ابنُ حزم، وهو قولُ بعضِ السَّلف.
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الآثارِ
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّه دخَلَ مسجدًا قد صَلَّوا فيه، فأمَرَ رجلًا فأذَّن وأقام، فصَلَّى بهم في جماعةٍ."رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (645)، ورواه موصولًا البيهقيُّ (1/407) (1994)، وصحَّح إسنادَه الألبانيُّ في ((تمام المنة)) (155)".
ثانيًا: يُخفِي ذلك؛ حتى لا يُوهِمَ غيرَه بدخولِ وقتِ صلاةٍ أخرى، أو يُشكِّكَهم في وقتِ الأُولى لا سيَّما في الغَيم، فيَحضروا مرةً ثانيةً، وفيه مشقَّةٌ شديدةٌ.

القول الثاني: أنَّ من دخَلَ المسجدَ وقد صُلِّيَ فيه يُصلِّي بغير أذانٍ، ويُقيمُ فقط، وهذا مذهبُ المالكيَّة، وهو قولُ بعضِ السَّلف، قال ابنُ عُثيمين: (إذا كان الإنسانُ في بلدٍ قدْ أُذِّنَ فيه للصَّلاة، كما لو نام جماعةٌ في غرفة في البلد؛ ولم يستيقظُوا إلَّا بعدَ طلوع الشَّمس؛ فلا يجبُ عليهم الأذان؛ اكتفاءً بالأذان العامِّ في البلد؛ لأنَّ الأذانَ العامَّ في البلد حصَل به الكفاية، وسقطتْ به الفريضةُ، لكنْ عليهم الإقامة). ((الشرح الممتع)) (2/46). وقال أيضًا: (والحاصلُ أن نقول: إذا جاء الإنسانُ وقد فاتتْه الصلاةُ، فإنْ كان في البَلَدِ فأذانُ المسلمينَ يكفيه؛ لأنَّ الأذانَ إعلامٌ بدخولِ وقتِ الصلاةِ، وقد حصَلَ، وإنْ كان خارجَ البلَدِ كمسافرٍ قدِم البلدَ ووَجَد النَّاسَ قد صَلَّوا، فهنا نقول: يُشرَع أن يُؤَذِّنَ، لكنَّ الأذانَ يكون بقَدْرِ ما يَسمَعُه مَن معه؛ لئلَّا يُشوِّشَ على النَّاسِ. وأمَّا الإقامةُ فهي سُنَّة حتى لِمَن فاتتْه الصَّلاةُ وهو في البلد؛ لأنَّ الإقامةَ إعلامٌ بقيامِ الصَّلاةِ، فكلُّ مَن أراد الصلاةَ المفروضةَ، فإنَّه يُقيم). ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 29). وسُئِل عن الجَماعةِ الثانيةِ التي تُقامُ بعدَ الجماعةِ الأصليَّة، هل عليها أذانٌ أم إقامةٌ فقط؟ فقال: (عليها إقامةٌ فقط، وليس عليها أذانٌ). ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 185)..

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : من نام عن صلاة ، هل يؤذن لها ؟
فأجاب : " القاعدة الأذان ، إذا كان قد خرج الوقت . أما إذا كان في الوقت فقد أذن الناس ويكفي ، ويقيم ، والحمد لله . أما إذا استيقظ بعد الشمس فالسُّنة أن يؤذن ويقيم " انتهى .
قال ابن قدامة في "المغني" (2 /74) : "والأفضل لكل مصلٍّ أن يؤذن ويقيم ، إلا إن كان يصلي قضاءً ، أو في غير وقت الأذان : لم يجهر به " انتهى .
ومن اقتصر على الإقامة فقط فلا شيء عليه .
قال ابن قدامة (2/79) : " ومن دخل مسجدًا قد صلي فيه ، فإن شاء أذن وأقام . نص عليه أحمد...
وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة ؛ فإن عروة قال : إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا ، فإن أذانهم وإقامتهم تجزئ عمن جاء بعدهم . وهذا قول الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، إلا أن الحسن ، قال : كان أحب إليهم أن يقيم ، وإذا أذن: فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به ، ليغر الناس بالأذان في غير محله " انتهى. ولا فرق بين الحضر والسفر في ذلك .

والله أعلم.
المصدر : فتاوي ابن باز رحمه الله ، الموسوعة الفقهية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اعلان اسفل الصفحة